خالتى بهية و المحافظ

خالتى بهية و المحافظ

بقلم/ أيمن غريب

فى احدى قرى المحروسة ذهبت خالتى بهية - تلك الأرملة المسنة التى تعول نصف دستة أيتام – بكارتة الخبز الى مخبز عبد العاطى ، و عادت باكية خالية الوفاض تجر أذيال الحسرة ، تلطم الخد ، و تكلم نفسها :
- يا نهار مش فايت هأكلهم طول اليوم ، طوب يا عالم ؟

شعرت بيد حنونة تربت على كتفها ، رفعت وجهها ، فرأته مسئول محترم يتبعه موكب عظيم . يبتسم لها بعطف و يسألها:
- مالك يا خاله ؟
- عبد العاطى يا بنى رفض يدينى العيش و رمى الكرته فى وشى و شدنى من دراعى و رمانى بره الفرن
- بره الفرن ؟معاه حق لأنك ما رحتيش تصرفى من الكشك.
- كشك ايه يا بنى ؟ده من ساعة ما شالوه من عند المجلس المحلى و حطوه قٌدام المخبز وهو فاضى زينه و بيوزعوا العيش من جوا الفرن.
- يبقى جيتى متأخرة ؟
- ليه يا بيه هى الساعة بقت عشرة معاد قفلهم ؟

رد أحد الواقفين بتلقائية بعد أن نظر فى ساعته :
- لسه تمانية و نص .

أردفت بهية :
- شفت يا بنى ؟ و أنا و حياة النبى شايفه العيش المفرود مش المكعبر اللى بخده كل يوم خارج لسه من الباب الورانى لسى عبده بيه ، و بعديها خرج الواد حوده من نفس الباب على كتفه شوال دقيق حطه على عربية نص نقل حمرا مليانه لعينها اشولة دقيق.

زغر المسئول لأحد الأفندية و قال :
- فين رجالتك مفتشين التموين يا مدير ادارة التموين؟

ردت بهية بسرعة وعفوية :
- لسه شيفاه بيسلم على سواق العربية النص نقل الحمرا اللى شايله الدقيق ، و ركب الموتوسيكل اللى جابهوله عبد العاطى محبة و اخوة و طار من قدامى و أنا بانده عليه عشان اشتكى له .

تدخل أحد موظفى المجلس المحلى و قال :
- يا باشا كنا بنحط موظف فى الكشك يراقب عبد العاطى و يناهده فيصدع دماغ المواطن . فشلنا الكشك و اديناه لعبد العاطى و شلنا منه الموظف.. و ريحنا المواطن .
ثم اردف باستعطاف:
- بعد اذنك يا باشا انا هحل لخلتى بهية مشكلتها . تعالى معاياى يا خالة .

ذهبت بهية مع مسئول الوحدة المحلية لمنزله ، ثم عادت بطاولة من الخبز الساخن المفرود على رأسها . و مالت على يد الباشا تقبلها و هى تسأله :
- انت مين يا بنى ربنا يخليك و يعلى مراتبك؟
فرد أحد الأعوان بحزم :
- ده سيادة المحافظ يا ست انتى ما بتشوفيش ؟
ردت بهية بامتنان و الدمع يملأ عينيها:
- هتيجى يا بنى بكره امتى عشان آخد العيش ؟

ضحك السيد المحافظ برضا و استمر فى جولته يتفقد أحوال المواطنين . و غطى صوت المذياع المنبعث من المقهى على تساؤل بهية و ضحكات المحافظ :
مصر يا مه يا بهية
يا أم طرحه و جلبيه ...................
...........................
فلاحينيك ملاحينيك
يزعقوا للريح يواتي.............
[center][center]