| "عزيزي جميل".. (قصة قصيرة) | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
ReligionSword9
عدد المساهمات : 19 نقاط : 30 تاريخ التسجيل : 15/12/2010
| موضوع: "عزيزي جميل".. (قصة قصيرة) الأربعاء ديسمبر 15, 2010 10:53 am | |
| عزيزي (جميل): بيني وبينك مسافات وأزمنة.. صحارى وملامح محترقة.. حوائط غير مرئية, وأسوار لا تتحطم, وجسد لا يتحرّك.. وحين تغمرني حمرة المغيب, أتذكّرك.. أيامنا الخوالي.. كثيرًا من الضجيج والفوضى التي تشاركناها سويًا, وأقولها بثقة: "حتمًا لم يكن هذا العالم لك".. ربما مازلت تبحث عن ذراعك المفقودة.. تنبش منتشيًا عشرات المقابر الجماعية باحثًا عنها, وعن سبب فقدها.. بينما مازال هدير الدبابات, وطنين الطائرات يعربد في أذنيك.. ينغرس لحم قدميك العاريتين في رمل له ملمس الجمر.. وتمتزج أوامر قائد الكتيبة, وسباب المدافع, وألحان الدماء والعدم.. مع توسلات (أحلام) بأن تعود.. وترانيم وعودك بالمحاولة.. مع نشيد مدرسيٍّ قديم باغتك حينها.. ربما لم تتساءل عن الطائر الأخضر الذي كان يظلّك, لم يرهبه تحليق الطائرات المعادية, ولا ارتجاجات جدران السماء, ولا الرعب المتقاذف من كل مكان.. ربما لم تنتبه حينها.. وها أنت قد عدت.. ربما قذفك سكان المقابر ببعضٍ من السباب المغموس في رائحة البارود.. ربما طاردك هيكل عظمي, خالستَهُ وسرقت ذراعه اليمنى بالخطأ.. ثم انتبهت أثناء عَدْوِكَ فرميتها, بينما بعض الجماجم تلوك التبغ والذكريات.. تراقبكم وتضحك.. لكنك لم تبرر أسباب اندهاشك إذ عدت, فلم تجد (أحلام).. لماذا تناثر صوتك حينها خاليًا من التحدي المعتاد؟!.. همهمت كثيرًا, ورحت تتمتم بتعاويذ قديمة كنتَ متيقّنًا من أنها لن تجدي نفعًا.. ثم هِمْت.. واندفعت كدرويش تجاه المقابر.. تلك التي تقبع منعزلة في قلب الصحراء البعيدة.. منبوذة.. تتعذّب نهارًا تحت سياط شمس صارمة.. وليلاً تحت وطأة الذكريات, وقسوة البرد.. وهناك ظللت تبحث, وتبحث.. تعابث سكان المقابر, حتى خالسك النهار.. انسلخ من الأمكنة حولك, وانسلّ إلى أزمنة أخرى مجهولة.. وبقيت وحيدًا..
عزيزي (جميل): فلتستعد بعضًا من مهارات الأمس.. تفادى هذه الشاحنة المندفعة من الظلام كوحش أسطوري.. وحاول أن تتعلّق بمؤخرتها.. وانتظر ريثما ينتبه لك السائق فيجلسك جواره.. ومن ثم أخبره أن ينـزلك في إحدى الميادين الكبيرة من تلك التي تخرج منها الخطب والمظاهرات والوعود المؤجّلة.. وفيها, فلتنصب خيمتك.. ولتتجنب دومًا المنتصف.. ولا تسل عن الطائر الأخضر الذي يأبى أن يتركك, وها هو قد عشّش فوق ناصية خيمتك, وأعلن الرغبة في المرافقة.. ثم اختر إحدى الطرقات التي يكثر فيها العابرون.. وحاول أن تتسوّل بعضًا من أحلامهم, وتلملم الدهشة المتكوّمة فوق وجوههم وقلوبهم وهم يرمقون بطنك المبقورة, وعينك المفقوءة, وذراعك المبتورة.. لكنك أبدًا لم تكن تعد لكل شيء عدته.. وكنت دومًا ناسيًا أو مهملاً.. لقد انهمكتَ في تقليص ملامحك, ورسم أقنعة قديمة مستعادة.. كما كنت ماهرًا حقًا في إبراز فراغ ذراعك الناقصة.. لكنك لم تنتبه لمعطفك ومنه تبرز أشلاء مبتورة لم يُحكم وضعها.. ومن فمك راحت تنساب دماء مراوغة.. ومن عينك راحت تتجسّد كائنات للعتمة.. وفي يدك الوحيدة قلب منـزوع.. – قلت للمحققين فيما بعد أنه لأحد الأعداء.. وأنك احتفظت به كتذكار.. لكنك لم تبرر سبب استمراره في التقطير إلى تلك اللحظة – .. فماذا كنت تنتظر من العابرين, وقد غزا الخوف أجسادهم المدنية؟.. هل كنت تنتظر أكثر من أن يرموك بدهشاتهم.. تلك التي رحت تفتّش بينها عما انتظرت بلا جدوى؟.. ثم إنك قد عدت إلى خيمتك تجرجر عباءة خيبة ثقيلة.. لكنك تعرف أن الرفاق لا يمزحون.. فلا تندهش إذا ما داهموا خيمتك, وملابسهم السوداء تملأ عينيك.. ولا إذا ما هدموا مأواك المؤقّت, وأفزعوا طائرك الأخضر, واقتادوك معهم حاملين لائحة اتهامات طويلة نوعًا.. وذرائع بإثارة الفتن والثورات.. ولا تنتظر أبدًا أن يَرِقَّ الرفاق.. ثم إنك كنت تبكي مندهشًا!.. فَلِمَ تندهش الآن فقط, وقد اندهشت من قبل لأسباب أكثر إقناعًا؟!..
عزيزي (جميل): فلتنفض غبار السجن.. لتنثر دموعك, وتمزّق أوراقك.. ولتذهب – الآن – إلى إحدى العرّافات المحنّكات.. واسألها أين قد ذهبت ذراعك؟.. ولماذا تركتك (أحلام)؟.. ولماذا لم يتصدّق عليك المارُّون بحلم ما؟!.. لكن لا تسلها عن الطائر الأخضر, وأين هو الآن.. فلربما ضحكت عليك كثيرًا جدًا, وصرت في موقف حرج..
تحياتي.. ........................
آه.. قبل أن أنسى.. حاول أن تسأل العرّافة عن مكان جثتي.. فلربما ينقلني أحد المسئولين لمقبرة حكومية تليق بي, مع بعضٍ من المراسم الباردة..
سلام.. .......................
أوه.. معذرة يا عزيزي.. دائمًا لا تكون نهاياتي موفّقة.. ربما لو تأمّلت جثتي المحترقة الآن لفهمت!.. على كل حال, كثير من اللاسلام.. الكثير حقًا.. أعرف أن هذا سيروقك..
صديقك القديم: (فارس)
| |
|
| |
sindbad Admin
عدد المساهمات : 285 نقاط : 608 تاريخ التسجيل : 09/09/2009
| موضوع: رد: "عزيزي جميل".. (قصة قصيرة) الأربعاء ديسمبر 15, 2010 4:12 pm | |
| صديقى العزيز الدائم فارس
مرحبا بعودتك القوية من رحم النسيان
و من قاع الماضى البعيد
دائما رائع
لغة و أسلوب و صور و أدب حقا مدهش ممتع
و الممتع هذا الأسلوب المتميز فى السرد
بحق أقول أنك قاص مبدع لا تقل عن كثير من المبدعين فى الساحة الأدبية
و تفوقهم تميزا
و لن أكتفي
فهل من مزيد؟
| |
|
| |
samy abu kasem
عدد المساهمات : 12 نقاط : 22 تاريخ التسجيل : 15/12/2010
| موضوع: صديق الأربعاء ديسمبر 15, 2010 6:03 pm | |
| والله ماقرأت إلا مشاعرًا صيغت في قول مقروء كتب بمداد الصدق النابع من أعماق القلب من حسٍ مرهف ومشاعر جياشة
وما انتابي من شعور عندماوقعت عيني على مطلع تلك القصيدة وقبل أن أحرك لسانس بحروفهالاينم إلا على شيءٍ واحد
هو الصدق والصدق لاسواه ينقل المشاعر القلوب مهما بعدت المسافات عودٌ حميد ياصديقي القديم الجديد والوحيد
آسف على الإطالة
فأنالا أملك أبدا فهل مللتني؟؛
التوقيق صديقك القديم | |
|
| |
sindbad Admin
عدد المساهمات : 285 نقاط : 608 تاريخ التسجيل : 09/09/2009
| موضوع: رد: "عزيزي جميل".. (قصة قصيرة) الأربعاء ديسمبر 15, 2010 6:36 pm | |
| قابلت صديقى الشاعر الرائع الكبير سامى أبو القاسم و دار هذا الحوار بيننا عن القصة و سأنقله لكم كما هو:
سامى / كتبت التعليق زى ما حسيته أنا حاسس القصة أيمن / و صفتها انها قصيدة و أنت محق لما فيها من صور يعجز بعض الشعراء عن اختلاقها و فلسفة و فكر عميق. سامى / نعم والله ياغريب شعر منثور . ولو هوه فارس يبقى عده وباظ ومش هنعرف نكلمه.
| |
|
| |
ReligionSword9
عدد المساهمات : 19 نقاط : 30 تاريخ التسجيل : 15/12/2010
| موضوع: رد: "عزيزي جميل".. (قصة قصيرة) الأربعاء ديسمبر 15, 2010 7:52 pm | |
| أشعر أن هناك لبس وسوء فهم تسببت فيه عن غير قصد.. لكن ما أمتعه من خلط وسوء فهم؛ لا أنكر أني استمتعت بكل حرف فيه..
هي قصة.. رسالة.. أرسلها "فارس" لـ"جميل".. ليس أكثر.. يعني جملة "صديقك القديم: فارس" هي ضمن النص.. خاتمة القصة.. توقيع مرسل الرسالة..
لكما الإعتذار والتوضيح.. ولي شرف الكلمات الراقية.. وللغائب الذي لا أعرفه "فارس الحقيقي" كل التحية والتقدير..
حسام الدين عبد الباسط
| |
|
| |
عاشق الروح
عدد المساهمات : 29 نقاط : 53 تاريخ التسجيل : 14/10/2009
| موضوع: رد: "عزيزي جميل".. (قصة قصيرة) الخميس ديسمبر 16, 2010 10:46 pm | |
| عزيزى (حسام) تحياتى الى تلك الاحترافيه التى نبتت من عقليه فذه لا املك الا ان انحنى لها احتراما.
ذات مره صادفنى غراب حكيم، بصوت قد اختلط به رعشه الزمن الغابرالذى قد اعياه طول السفر، تفوه بتمتمات لم ادركها فى حينها: "الطريق الى الانسانيه طريق وعره ، دروبه خطره ، كهوفه تسكنها الغيلان" فورا اخذت قرارى واصبح عندى الآن بندقيه.
عذرا لسوء الفهم فانا الصديق القديم المهترئ.
على هامش الموضوع: اعتقد انه ليس هناك فرق بين "الخالق" و "الباسط" فكلها اسماء لإله واحد.
| |
|
| |
رابح
عدد المساهمات : 14 نقاط : 21 تاريخ التسجيل : 09/02/2010
| موضوع: رد: "عزيزي جميل".. (قصة قصيرة) السبت ديسمبر 18, 2010 8:36 pm | |
| صديقى العزيز / حسام عبد الباسط
فكما فارس صديقى و صديق شاعرنا الرائع سامى أبو القاسم
فأنت يا صديقى العزيز لك معزة خاصة و احترام كبير لابداعك أتعلم منه دئما
عندما طلبت منك المشاركة فى منتداك طرح البرتقال
لم أتصور أن تمتعنا و تحيرنا بهذه الطريقة الرائعة
أمتعتنا بفكرك الراقى و لغتك الرائعة و أسلوب سردك المتميز
و القالب الجديد الذى لم أسمعه منك من قبل
و حيرتنا بعدم ذكر اسمك و بخاصة التشابه فى الأسلوب و الفكر مع صديقنا فارس
أشكرك على امتاعنا و اثراء منتدانا و منتداك
و ننتظر منك المزيد
أخوك / أيمن غريب
| |
|
| |
ReligionSword9
عدد المساهمات : 19 نقاط : 30 تاريخ التسجيل : 15/12/2010
| موضوع: رد: "عزيزي جميل".. (قصة قصيرة) الأحد ديسمبر 19, 2010 2:41 pm | |
| عاشق الروح.. أستاذنا فارس: سعيد جدًا لقراءتك وردك الذي ما هو إلا نص موازي.. ورؤية مقابلة.. وحوار جدلي.. وإبداع..
على هامش الرد: لا أظن بأني بكل تلك الشهرة.. حيرني الهامش.. وقاربت الحيرة على إعيائي.. وهذا هو اسمي كاملاً: "حسام الدين عبد الباسط عبد الخالق"..
رابح.. أستاذنا أيمن غريب: أخجلني ردك والله.. التشابه مع أستاذنا (فارس) هو شرف وطموح.. إنما ما زلت أتعلم.. وما زال أمامي الكثيييييييير جدًا.. وهناك ما لم أرضى عنه وهناك ما عجزت أمامه وهناك ما اضطررت إليه؛؛ في هذا النص بالذات..
على هامش الرد: إن شاء الله انتظر مني المزيد من المشاركات والمناوشات..
تحيتي..
| |
|
| |
عاشق الروح
عدد المساهمات : 29 نقاط : 53 تاريخ التسجيل : 14/10/2009
| موضوع: رد: "عزيزي جميل".. (قصة قصيرة) الثلاثاء ديسمبر 21, 2010 10:40 pm | |
| عزيزى حسام سأزيل عنك الحيرة وازيدك من الشعر بيتا كإشاره. "عندى يقين انك ستقتنصها كسابقتها" أمـرُّ علـى الديـار ديـار ليلـى ...............أُقبـل ذا الـجـدار وذا الـجـدارا كل هذا حدث مصادفة تحياتى لك
عدل سابقا من قبل عاشق الروح في الأربعاء ديسمبر 22, 2010 9:13 pm عدل 1 مرات | |
|
| |
sindbad Admin
عدد المساهمات : 285 نقاط : 608 تاريخ التسجيل : 09/09/2009
| موضوع: رد: "عزيزي جميل".. (قصة قصيرة) الأربعاء ديسمبر 22, 2010 7:20 pm | |
| ماتت ليلى فى زماننا زمان العهر و قامت ترقص على أشلائها بنات الليل
وسقط الجدارعلى رؤوسنا بعد أن تصدعت جدران غرناطة و تهدمت
لكما الشكر أصدقائى لما أثريتم و حركتم من رواكد فينا
| |
|
| |
ReligionSword9
عدد المساهمات : 19 نقاط : 30 تاريخ التسجيل : 15/12/2010
| موضوع: رد: "عزيزي جميل".. (قصة قصيرة) الخميس ديسمبر 23, 2010 7:08 am | |
| أستاذنا فارس: ما زدتني إلا تيهًا.. رغم كل شيء أنرت وأثرت وأثريت.. عذرًا إن خالفت ظنك في القنص والتواصل.. هي بلبلة الدنيا وزحمة الوجوه والأشياء.. تبقى ردودك رغم الفخاخ لها صدى ورنين..
أستاذنا أيمن غريب: شكرًا لردودك دومًا.. وانتظر المزيد.. إن شاء الله.. | |
|
| |
عاشق الروح
عدد المساهمات : 29 نقاط : 53 تاريخ التسجيل : 14/10/2009
| موضوع: رد: "عزيزي جميل".. (قصة قصيرة) الخميس ديسمبر 23, 2010 12:24 pm | |
| والله ما قصدت ابدا كل هذا التيه، فانا حتى ردودك تروق لى. اما عن الدار فهى دار ليلى للنشر والتوزيع | |
|
| |
ReligionSword9
عدد المساهمات : 19 نقاط : 30 تاريخ التسجيل : 15/12/2010
| موضوع: رد: "عزيزي جميل".. (قصة قصيرة) الخميس ديسمبر 23, 2010 2:58 pm | |
| يا الله.. فكرت في كل شيء إلا هذا.. هي دوامة الحياة وتزاحم الوجوه والأفكار والذاكرة نصف المهترئة.. وربما هي الرغبة الداخلية في نسيان تلك التجربة نصف الناجحة؛؛ "حسب نظرية نصف الكوب الملآن"..
عذرًا مجددًا يا أستاذنا,, وسعيد حقًا بتواصلك..
| |
|
| |
sindbad Admin
عدد المساهمات : 285 نقاط : 608 تاريخ التسجيل : 09/09/2009
| موضوع: رد: "عزيزي جميل".. (قصة قصيرة) الجمعة ديسمبر 24, 2010 8:51 pm | |
| صراحة أستمتع جدا بالحوار الأدبى الراقى بين الأستاذ/ سيف الدين (الملقب بحسام عبد الباسط) و من لايعرفه فهو أستاذ فى فن الكتابة القصصية و ناقد أدبى و باحث و له العديد من الاصدارات و الأستاذ / عاشق الروح (المكنى بفارس رمضان) الكاتب المبدع و أحد مؤسسى نادى أدب كفر شكر الأوائل فى الثمانينيات
أتمنى أن يستمر حواركما طول الدهر ليتعلم الجيل الجديد كيف يكون الحوار الممتع بحق
لكما منى كل الشكر و كثير الحب
| |
|
| |
| "عزيزي جميل".. (قصة قصيرة) | |
|