هجرة كلب إلى أمريكا

هجرة كلب إلى أمريكا

كانوا ثلاثة كلاب ... (وحش) و(سبع) و.......(فهد)
يعيشون سويا منذ الصغر عند الشيخ عبد الرحمن راعى الغنم حيث كانت له أرض واسعة وحظيرة كبيرة بها أعداد كثيرة من الماشية وخاصة الأغنام وكان الثلاثة يقومون بحراسة الأغنام ليلا وفى الصباح يخرجون مبكرين مع الشيخ عبد الرحمن لرعى الأغنام . فكان يمشى أمام القطيع الكلب (وحش) وعن يمين القطيع الكلب(سبع ) وعن يساره الكلب (فهد)...... وكان (فهد) هو أحبهم إلى الشيخ (عبد الرحمن) لخفته وسرعته وكان بمثابة حارس إبنه (على) الشخصى وصديقه.
فقد كان يلازمه دائما ويلعب معه ويأخذه عند أصدقائه وفى يوم رجع فهد إلى الحظيرة وقال لصديقيه (وحش) و(سبع) :
- أنا قررت أهاجر ..
- تهاجر فين ؟
فقال :
- إلى بلاد الأحلام أمريكا .
ضحكا من قوله وقالا له :
- وماذا تعرف عنها ؟
قال : - أنا سمعت إن الكلاب هناك مدلـله جدا وليها حجرات نوم خاصة مثل البنى أدميين تمام وكل واحد أمريكي معاه كلب بياخده معاه في كل مكان وسمعت كمان انهم بيأكلوا الكلاب أكل معلب خصوصي يعنى ..
ضحكا على قوله وقالوا:
- آه مش بعيد كمان تروح للحلاق وتعمل تسريحة زى البني آدميين .
قال : - إنتوا مش مصدقين هما فعلا بيعملوا كدة وأكتر..... لاوأكثر من كده كمان... ممكن يجوزوك من كلبه كنيش جميله مش الكلاب البلدي اللي عندنا دى .
نظرا إليه الكلبين نظرة سخريه وقالا :
- روح يا (فهد) شوف الغنم وطل عليهم طله ليكون في ذئب ولا حاجة يابتاع أمريكا ........
خرج متأففا وقال:
- بكرة تشوفوا أنا لما أسافر أمريكا هأكون إية يا رعاة الغنم .
وظل حلم الهجرة يراوده يوما بعد يوم والفكرة تتحكم فيه كل يوم .
وفى ليلة جاء لصاحبيه وقال لهما :
- أنا خلاص مسافر الليلة .
نظرا إليه فى دهشة وقالوا:
- تسافر أنت لسه ......
قاطعهما قائلا :
- خلاص انا فعلا ماشى الليلة انا هأعدى من سور الميناء المجاور وهركب السفينة الأمريكية اللي هتسافر الليلة إنتوا عارفين إن إحنا مش بنحتاج أوراق ولا تصاريح زى البشر.
نظرا إليه فى ذهول :
- انت بجد ماشى احنا كنا بنحسبك بتهزر؟
فقال : - لا دا قراري النهائي .
وغض الطرف عنهما وقال :
- أشوف وشكوا بخير .
رد عليه (وحش) قائلا :
- وهل ستجد فى أمريكا صديقين مثلنا ؟؟؟
وهل ستجد سيدا مثل الشيخ (عبد الرحمن) ...
نكس رأسه ونظر إلى الأرض ومشى بضع خطوات دون أن يرد فقال (أسد):
- وهل ستجد صديقا مثل (على) ؟
هنا وقفت قدماه وأصبح عاجزا عن الحركة وسقطت من عينه دمعتين ..ولكن صوت نفير السفينة يدوى فى المكان معلنا تحركها ودون تفكير أطلق قدميه للريح مسرعا نحو حلم الهجرة تاركا ورائه كل ذكرياته وماضيه ووطنه الذي تربى فيه ..
إستطاع أن يتسلل للسفينة واختبأ في مخزنها وظل متخفيا طوال الرحلة وكلما مر يوم يقترب من تحقيق حلمه أكثر وأحلامه بالرفاهية تسيطر على عقلة .
وأخيرا رست السفينة على الشاطئ وكاد قلبه ينخلع من شده الفرح
أخيرا الحلم سيتحقق ...
وفى المساء خرج من السفينة متسللا وفجأة رآه رجلا فإقترب منه شيئا فشيئا ووقف (فهد) ولم يحرك ساكنا فهذا حتما سيده الجديد الذي سيأخذه للنعيم وللمرة الأولى يسلم نفسه ليد غير يد (على) وحمله الرجل وهو سعيد جدا وكأنه وجد كنزا ووضعه فى قفص حديد وذهب به إلى البيت ففرح به أولاده جدا جدا كانت أشكالهم غريبة ورائحتهم كريهه . وضعوا له طعاما ولكنه كان قذرا جدا . وفى المساء جاء الولد الصغير وفتح باب القفص فخرج (فهد) منه على الفور ومشى فى طرقات المنزل ليكتشف المكان . وما أن رآه صاحب البيت خارج القفص جن جنونه وبدت عليه علامات الغضب وجرى نحوه فخاف فهد وجرى من أمامه ..أمسك الرجل سكين وأخذ يجرى ورآه .. تملك الرعب من فهد وخرج يجرى مذعورا فى الشارع وهو ينبح ..وكلما سمع الناس صوته جروا ورائه مسرعين الكل يحمل في يده إما سكينا أو ساطورا أو حديده .. الكل يطارده .. الكل يريد الإمساك به .. وهو يجرى لايعرف أين يذهب وفى أي اتجاه يسير .. فهذه الأماكن غريبة عليه لايعرف فيها أحد ولا يعرفه أحد وهو يجرى من شارع لآخر .. كانت تقع عيناه على كلاب كتيرة فى الأقفاص وأخرى معلقة مذبوحة ..ما هذا الكابوس الفظيع أأنا مستيقظ أم أحلم ؟؟؟
كل هذا وما زالت جموع الناس يطاردونه .. الكل يريد قتله .. ظل يجرى عابرا بعض الحقول والأولاد من خلفه . حتى سقط من فوق جرف عال فى النهر وهو لايعرف السباحة ..
وبعد وقت مضى لايعرف قدره ، أيقظته أشعه الشمس الحارقة وهو ملقى على أحد شواطئ النهر في غابة موحشة . كان منهكا من التعب ومن الإعياء وفى صدمة مما حدث ..لا يجد تفسيرا لما هو فيه . أهذه أمريكا أرض الأحلام ؟؟ .. تذكر صاحبيه و(على) والشيخ (عبد الرحمن) .. كانت تتساقط الدموع من عينيه .. أصبح غريبا في بلد لايعرفها ولا يعرفه فيها أحد .. فجأة مرت من أمامه كلبه لم تكن كنيش،ليست حتى جميلة وكأنها لاتراه.. نبح عليها بصوت عال وهو ينبح وينبح.. رجعت إليه مسرعة .. لطمته بيدها .. وقالت:
- أنت مجنون ؟!! صوتك المزعج هذا سيتسبب بقتلنا .
فبدت عليه علامات الدهشة ..
- قتلنا!!! ومن سيقتلنا ؟ولماذا؟
- شكلك غريب ومش من هنا صح؟
- أنا عربي أصيل
- يعنى ايه؟
- اعرف أبى وأمي وإخوتي
- معقول؟!! أتعرف أباك بحق من أين جئت ؟؟
حكي لها قصته .. قالت له :
- أنت فعلا مجنون . أتترك الجنة وتأتى إلى هنا بقدميك ؟!!
- أى جنه تقصدين
- بلد تعيش فيها بحريه وسط أهلك وناس يعطفون عليك ويرأفون بك ولا يأكلون لحمك أليست هذه جنه؟
فتعجب من قولها وقال :
- نعم بلدكم ،،،
فضحكت وقالت:
- بلدنا تفضلنا وجبه شهيه على أطباقها يوميا .
- وجبه شهيه ؟!! لا يوجد أحد يأكل لحومنا .
- هذا فقط عندكم من حيث أتيت،، أما هنا فنحن صيد سهل وطعام شهى للجميع
- أيحدث هذا فى أمريكا ؟!!
فضحكت وقالت :
- في أمريكا عندهم كلابهم الأمريكية ..ولن تكون أنت وأمثالك مرغوب فيك هناك ، ببساطة لأنك كلب عربي ..يعنى من الطبقة الرذيلة التي يكرهونها ...
- أليست هذه بلد الحرية والرفاهية والحضارة وحقوق الحيوانات .
- كلها شعارات كاذبة ..وعلى العموم لا تتحدث عن أمريكا كثيرا فأنت لست فيها...
فقال في دهشة:
- إذا أين أنا ؟؟؟؟؟
- أنت اتخذت القرار الخطأ وركبت السفينة الخطأ........أنت في تايلاند .
فوقع ......مغشيا عليه..

تأليف/ رابح حسن

إبداع رائع لكاتب قصة متميز جداا أمامه مستقبل واسع فى مجال القصة
يذكرنا بالكاتب الانجليزى المبدع ( جورج أورويل)
فكتابة النص الأدبى الذى يتضمن أكثر من مغزى
و يخاطب أكثر من متلقى على اختلاف الأعمار فى نفس القراءة
سمة لا يمتلكها الا كاتب فوق العادة

فقصة (هجرة كلب إلى أمريكا)
يستمتع بها الأطفال عموما
و تصل اسقاطاتها الأخلاقية و السياسية لكل فرد لبيب

أرجو دوام التقدم و النجاح
..